فضاء امرأة~woman space

الحياة مليئة بالتناقضات الكثيرة . ما إن تصفوا لأحد من جهة إلا وتعكر عليه من جهة آخرى , فهي مثل كفة الميزان تتأرجح فترتفع لأعلى بالسعادة وراحة البال والوصول لكل ماكنا نحلم به ونتمناه ثم تنخفض وتهل علينا المشاكل والهموم من كل جانب ويأتي مالم نكون نتوقعة في الحسبان . هذه هي الحياة , يخبيء لنا القدر فيها الكثير والكثير !!!! ولكن يجب أن نعيشها بالإيمان والحب والصدق والأخلاص و التفاني والرضا بما كتبه الله لنا.

بعد كتابة مقدمتي هذه أحببت أن تشاركونني حكايتي , فأنا شخص أعيش حياة الرفاهية في نظري أو شبهه رفاهية . شخص مدلل ولكن بحدود , ما إن أطلب الطلب أو حتى أفكر فيه إلا وتسعى أسرتي الرائعة لتلبية طلبي واحتياجاتي , تقوم أسرتي بتنظيم وقتي الأكل والشرب وكذالك النوم في مواعيد محدده , لي أخوه وأخوات يحبونني ويحترمونني ويقدرونني ويأخذون برائيي في الكثير من الأمور, أعيش مع والدان مميزان
يبذلون كل غالي لأجلي ولأجل إخواني , بأختصار عائلتي عائله أحسد عليها رائعة ومميزة .

مشكلتي هي أنهم من شدة حبهم لي وحرصهم وخوفهم علي عزلوني عن الناس .كم تمنيت مشاهدت العالم الخارجي , وأن يكون لي أصحاب يلعبون معي يفهمونني وأفهمهم ,

فمهما كان الوالدان قريبين من أبناءهم إلا أننا نحتاج لذلك الصديق القريب في العمر , نلعب سوياً ونتشارك أفكارنا وأحلامنا ونشتكي لبعضنا همومنا ومشاكلنا ونستمد القوة من بعضنا البعض . فأنا أفتقد هذا الصديق الذي أتمنى أن أتحدث معه عن كثير من الأمور التي تضايقني وأريد أن أفضفض له مابداخلي لأنني لا أستطيع أن أتكلم مع اخواني أو والداي , فلم أجد من أشكوا له إلا الورقه والقلم أدون مابداخلي في دفتر مذكراتي الخاص بي .

في يوم من الأيام قررت أن أخرج من عزلتي التي وضعوني فيها, وأن أرى العالم الخارجي بحلوه ومره . تفاجأ الجميع من طلبي , فلم يكن طلبي في الحسبان . وافقني أبي على الخروج ولكن قال لي بأنني قد أجد بعض الأمور التي تضايقني أو تؤثر في نفسيتي . ولكني قلت له بأنني أفهم هذا كله وعلى أستعداد كامل لكل ماسيجري, فأنا أريد أن أتوظف حتى أصرف على نفسي ولا أكون عاله على أحد .

عندما خرجنا أعجبت بكل ماهو حولي فأنا لم أخرج إلا لأماكن محدده فقط . ذهبت مع والدي لأقدم أوراقي للعمل ولكن الكل يقدم شروط لا تتطابق معي أبداً , حزنت وتألمت وتأثرت كثيراً ودخلت في عزله أشد من عزلتي , حزن الجميع لأجلي وتألموا لألمي . أخذ أخي الأصغر مني سناً ينصحني ويشجعني ويدعمني نفسياً , تحدث معي كثيراً دون ملل , ونبهني أنني بتصرفي هذا قد أجرح أو أوؤثر على والداي اللذان تعبا لأجلي . تذكرت والدتي عندما حملت بي وكيف كان شعورها فأنا المولود الأول في العائلة , ثم تخيلت شعورها عندما وضعتني كم حزنت وتألمت لأجلي وكم عانت وسهرت ,وكم بذل والدي من المال لأجلي , لعلاجي , لتعليمي , لتلبية رغباتي وطلباتي . كل هذا لأني أبنهم ,وكل هذا لأنهم لا يريدون أن أكون أقل من غيري. ومن شدة حبهم لي أبعدوني عن أعين الناس حتى لا أجرح بنظرة أو كلمة من طفل سفيه طائش. فأنا لم أكن طفل عادي أنا طفل معاق , او طفل من ذوي الإحتياجات الخاصة كما يقولون .

لي مشاعري وأحاسيسي لي أحتياجاتي الخاصة , أحب أن اعيش مثل غيري , ولكن هذا هو القدر كتب علي أن أكون هكذا , كتب على والداي التعب والشقاء معي رغم أنهم صبروا ولازالوا يصبرون ويحتضنونني بكل حب . ولكن الناس لا ترحم حرمت من أبسط حقوقي هي الوظيفة هذا لأنني معاق , البعض من الناس لايعرفون الرحمة أحياناً وعقولهم معاقه بأفكارهم , فالإنسان في نظري ليس المعاق جسدياً بل المعاق فكرياً . هم يريدون أن أكون شخص مهمش ولا فائده مني , ولكني مصر على اثبات نفسي كما أثبت الكثير من قبلي , فقد أكون أفضل بكثير من غيري ,فأحمد الله على نعمة البصر والسمع والتذوق والأهم نعمة العقل التي يفتقدها الكثير من المتعافين . وأحمد الله بأنه ابتلاني لأجل يؤجرني فالأنسان يؤجر بقدر ما يبتلى فلا شيء يضيع عند رب العالمين .

هذا هو حال البعض من اخواننا واخواتنا ذوي الإحتياجات الخاصة . لم نفكر يوماً أن نضع أنفسنا مكانهم ونحاول فهمهم أو أن نصادقهم وندعمهم منوياً ونفسياً ,ونفتح لهم المجال لإثبات ذاتهم كما تفعل الدول المتقدمة .

حاولت في هذه القصة أن أدخل في فكر هذه الفئة الخاصة وأن أحاول كتابة مايشعرون به ولو بالشيء البسيط .

فلنحاول أن نعطيهم حقهم من هذه الحياة ومد يد العون والمساعدهم لهم والإستفادة من قدراتهم المكنونة .

في النهاية أتمنى مشاركتي في موضوعي وكتابة ما كان يدور في أذهانكم عند قرأة بداية الموضوع ,

*هل توقعتم أن صاحب القصه هو من ذوي الأحتياجات الخاصة ؟

*وهل قرأتم موضوعي من جديد بعد أن عرفتم أن الشخص هو من ذوي الأحتياجات الخاصة ؟

شاكره لكم

abuiyad